
🇪🇬 مصر المحور… ودعوة السلام في مفاوضات شرم الشيخ
✍️ بقلم: أحمد محمد مسعد أحمد العراقي
في لحظة مفصلية كهذه، حين تجتمع الأطراف على أرض مصر لاستئناف مفاوضات السلام في شرم الشيخ، يتضح دور مصر كساحر موازن في معادلات الشرق الأوسط. الدعوة التي أطلقتها القيادة المصرية ــ بدعوة الرئيس الأمريكي ترامب لحضور توقيع الاتفاق إن تم ــ ليست مجرد بادرة دبلوماسية عابرة، بل رسالة ذات أبعاد إستراتيجية ودلالات قانونية عميقة.
في المشهد الراهن، ينخرط وفودٌ من أمريكا وإسرائيل، من بينهم جاريد كوشنر ورون ديرمر، في مباحثات تهدف إلى التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار، وانسحاب إسرائيلي من غزة، وتبادل أسرى.
مصر لم تكتفِ بدور الوسيط، بل أرادت أن تكون الضامن والممثّل الشرعي لمصالح الفلسطينيين والعرب في هذه المنصة. دعوة الرئيس السيسي لترامب كي يحضر توقيع الاتفاق إن تمّ، تكشف عن نوايا مصر لاسترجاع مساحة القرار من أيدي الدول الفاعلة كلها، وضمان أن أي التزام يكون موقّعًا أمام العالم في أرض مصر، فلا إمكانية للتسويف أو الخروج من التزام لاحقًا.
من الناحية القانونية والدستورية، تُعد هذه الدعوة مؤسّسة على أن الاتفاقات التي تُوقع بشكل علني أمام العالم هي صعبة التراجع عنها، خصوصًا إذا كانت مشاركة مصر فيها فعّالة من البداية. وبذلك، يصبح موقف مصر ليس وساطيًا فحسب وإنما مشاركة في صياغة السلام، لا تكتفي بتأمينه.
هذه الخطوة تمثل ضمانًا سياسيًا للمظلومين، فترامب إذا حضر ووقّع في القاهرة، يصبح مسؤولًا أمام شعبه والعالم عن احترام بنود الاتفاق، وتُصبح أي محاولة لخرقها خللاً دبلوماسيًا وسياسيًا لا يمكن تجاهله.
أرى أن هذا الموقف المصري ليس مجرد تأييد لجهد السلام، بل تأكيد على أن مصر هي الميدان الذي يُكتب فيه السلام، لا الحلبة التي تُدار فيها الصفقات بعيدًا عن إرادتها.
ولعلّ المخاطر في هذا الطريق كثيرة: من رفض الطرف الآخر، أو شروط تُصاغ دون مراعاة للحقوق، أو محاولات للتلاعب بالمفاوضات. لكن مصر بخبرتها الدبلوماسية وتاريخها في الوساطة تمتلك الثقل الذي لا يملكه غيرها في المنطقة.
ختامًا، أرى في دعوة الرئيس السيسي لترامب لحضور توقيع الاتفاق لحظة فارقة، قد تفتح فصلاً جديدًا في تاريخ السلام إن أحسن استثماره. وليكن لتاريخ مصر أن يقول إنها لم تكتفِ بأن تكون ساحة للسلام، بل كانت مناراته في لحظة الظلام.