أخبار الأسبوعأخبار محليهالدراما التلفزيونيةثقافةفنفنونقصور الثقافة

مشهد في وجدان ذاكرة السينما المصرية

بقلم د/ محمد أبوغالب
من فيلم المواطن مصري نتطرق الي مشهد سينمائي يعلي مفهوم إبداع الفن السينمائي وروائع السينما المصرية 
فلقد تعودنا أن يكون البطل في الأعمال الفنية هو فنان أو فنانة وذلك لأن البطل هو والمؤثر والمحرك لوجدان المشاهد ونحن هنا أمام مشهد إشترك في بطولته الفقر مع الفنان القدير والمبدع عزت العلايلي الذي طغى عليه الإملاق والعوز ورضوخه لحيلة العمدة عبد الرازق الشرشابي وإستجابة لأوامر ورغبة سعاد الزوجه الثالثة للعمدة عبد الرازق الشرشابي المنفذ لأوامر سعاد دون نقاش أو جدال والتي تملكت أمره وقراراته وذلك لمعرفتها بعدم قدرته على فراقها وأيضاً خوفا من أن تفضح أمره بعجزه جنسيا قبل 10 سنوات من المشهد الذي نتطرق اليه لنكشف به عن ابداع الفنان عزت العلالي وعن الماساة التي جعلت منه طائعا مغلوب على أمره بسبب الفقر والحاجةوالعوز الذي جعل العمدة عبد الرازق يمسك بزمام أمر عبدالموجود ليصل الى مبتغاه لكي يرضي سعاد زوجته التي قررت عدم تجنيد نجلها المدلل توفيق هذا الشاب الذي يعيش حياة الإستهتار المفرط والذي يقضي ليله في السهرات تحت أدخنة المخدرات ويقضي نهاره نوماً ليستعيد نشاطه للسهر في الليل كعادته مرة أخرى بكل مساوئها 
وعندما ذهب العمدة عبد الرازق الى المتعهد بصحبة أحد خفراءه والذي تولى أمر المتابعة مع المتعهد ذلك الرجل المزور الذي لا يعرف للشرف وجهة ولا للضمير طريق وعلى ضوء حيلة المتعهد بعدم تجنيد توفيق وقع الإختيار على مصري إبن عبد الموجود الفلاح الفقير الذي إمتلك بضع أفدنة يعيش من ريعها بعد أن سلمها له الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والذي تعرض بعد ذلك لحكم قضائي بترك الأرض الذي إستلمها بقانون الاصلاح الزراعي والذي حصل عليها بعقد من رئيس الجمهورية والذي ضاع أمله في الحياة بسبب عودته للفقر وعدم وجود مصدر دخل له بعد تسليم الأرض للعمده ومن هنا تم إستدراج عبد الموجود في المشاركة في جريمة تزوير وهي تجنيد نجله مصري بدلا من توفيق نجل العمدة عبد الرازق وذلك بعد الإغراءات بمبلغ بضع عشرات الجنيهات وعقد إستئجار الأرض ليقوم بزراعتها لتكون مصدر دخل له للإنفاق على عائلته كما كان الأمر سابقا
وبالفعل رضخ مصري الى الموافقة على فعل هذه الجريمة لإرضاء والده وحفاظا على مصدر الدخل لعائلته المكونة من أب وأم وشقيقتين 
ومن هنا نبدأ في الاستمتاع بوجبة فنية غاية الروعة والإبداع للفنان المصري بأداء مشهد سينمائي يستحق جائزة أُوسكار في الابداع الفني السينمائي للقدير عزت العلايلي 
تعالي معي أيها القارئ لتعيش حالة من حالات المشاعر المختلطة بين الأسى والألم والظلم والقهر والصمت والعجز بسبب حالة الفقر الذي يعيشها هذا الأب المغلوب على أمره وذلك عندما إكتشف الضابط المسؤول عن تسليم الجثمان لعائلة الشهيد والذي إكتشف أثناء حديثه مع العمدة أثناء إخباره بأن نجله يوجد في صندوق الموت وأن حالة الأب لم تتسق مع الحدث ولايوجد إنفعال عاطفي يتسق مع وفاة نجله ومن هنا إستشعر الضابط أن هناك أمراً ما تشوبه جريمة وهذا ما تم التطرق إليه وبالفعل عندما أخبره أحد الفلاحين بأن نجل العمدة توفيق على قيد الحياة وقد رآه هذا الفلاح منذ قليل وعندما عرضو عليه الجثمان أكد لهم أن هذا المتوفي مصري نجل عبدالموجود ولم يكن توفيق نجل العمدة وبالفعل تم إستدعاء عبدالموجود ليتعرف على صاحب الجثمان وهل هذا المتوفي نجله مصري أم لا وعليه أن يطالع الشخص الموجود داخل الصندوق هل هو نجله الوحيد مصري أم شخص آخر وعندما صرخ عبدالموجود في وجه العمدة عبدالرازق أمام رجال الشرطة والنيابة العامة تم عزله حتى يهدأ في غرفة خاصة بمفرده دخل عليه العمدة عبدالرازق وقام بتهديده وأن يظل صامتاً يحمل لوعه فراق نجله داخل قلبه الذي ينزف دماً لفراق إبنه الوحيد حتى يتم إستكمال العهد والوعد بالوظيفة كخفير خصوصي للعمدة وأيضا إستمرار عقد إستئجار الأرض وعدم تقديم الجميع للمسالة القانونية حيال واقعة التزوير ومن هنا أعلن المخرج صلاح أبو سيف عن مشهد غاية الإبداع للفنان القدير عزت العلالي وذلك أثناء قيام وكيل النيابة العامة بعرض الجثمان أمام عبدالموجود للتعرف عليه واليكم حاله الأسى والمرار والظلم والقهر الذي يعيشه عبد الموجود وحالة بكاءه المكتوم وصرخات ضميره داخل قلبه فهو بالفعل يرى نجله الوحيد داخل صندوق الموت وقلبه ينزف دماً على فراقه أثناء مشاهدته للمرة الأخيرة يرى نجله الوحيد داخل هذا الصندوق لتكون هي لحظة وداع نجله فلذة كبده وغير مصرح له بالبكاء العلني حتى يعلن عدم تعرفه على شخصية صاحب الجثمان ويكتفي بالبكاء وبإحساسه بالعجز وعدم الإفصاح عن حقيقة الأمر وعن الكارثه الذي يعيشها بسبب الفقر الذي شارك الفنان عزت العلالي في بطولة هذا المشهد المأساوي والذي يكشف براعه الفنان المصري وروعة أدائه وابداعه الفني ونقل إحساسه وألمه الى المشاهد ببكاءة الصامت وملامح وجهه الصارخة من لوعة الفراق حال وداع وفراق نجله الوحيد 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى