
بقلم: نعمة حسن أحمد
(إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)
العلماء هم ورثة الأنبياء. فقد انتهى عصر الأنبياء بخاتم الأنبياء، سيدنا محمد ﷺ، عليه أفضل الصلاة وأتمّ التسليم. فالأنبياء لم يورِّثوا مالًا، وإنما ورَّثوا علمًا، والعلماء هم ورثة هذا العلم، وعلى عاتقهم مسؤولية كل كلمة تصدر منهم، يسير عليها الناس ويعملون بها ويحاسبون عليها.
فيا أمة الإسلام، إنكم بكل كلمة تصدر من علمائكم ويعمل بها أتباع الأمة الإسلامية، مسؤولون عنها وعن كل لفظ أو حكم أمام المولى جل وعلا. فتحروا الدقة واجتهدوا، فقد اجتهد علماء السلف، وأعملوا عقولهم، وبذلوا الجهد في تفصيل وتوضيح ما خفي علينا، ولم يقصِّروا في زمانهم.
لذا فقد وجب عليكم – يا علماء العصر – أن تجتهدوا وتعملوا عقولكم. أليس واجبًا عليكم كما كان واجبًا على من سبقكم؟ فلماذا توقفون عقولكم عند ما قاله السابقون وتأخذون منهم فقط دون أن تعطوا أنتم كما أعطونا هم؟ أليس إعمال العقل فرضًا عليكم كما فرض عليهم؟ فلماذا إذن لا تفعلون هذا الفرض وتقومون بدور الناقل والمردد فقط دون أن تدلوا بدلوكم في الاجتهاد؟
إنهم كانوا في عصرهم، وأفتوا بما يتوافق مع ظروف حياتهم وما يناسب طبيعتهم آنذاك. فلماذا لا تجتهدون أنتم بما يتوافق مع عصركم، ما دام ديننا الكريم وقرآننا العظيم صالحين لكل زمان ومكان، ولم يقفا على زمن واحد، بل هما لكل الأزمنة وإلى قيام الساعة؟
فالرسول الكريم ﷺ، الذي لا ينطق عن الهوى ﴿إن هو إلا وحي يوحى، علّمه شديد القوى﴾، لم يأتِ أبدًا بجديد يخالف النص القرآني، ولم يقم بتبديل أو نسخ أو تصحيح لأي نص أو آية بشيء آخر، سواء في الأحكام الشرعية أو غير الشرعية. فالرسول ﷺ جاء بالقرآن الكريم من عند الله تعالى، فهو كلام الله المنزل على رسوله بالوحي جبريل عليه السلام. فأنّى للرسول الكريم أن يعدل فيه بتبديل أو تغيير أو نسخ بأي صورة من الصور؟
فالحديث النبوي لا ينسخ القرآن عند جمهور العلماء، لأن القرآن الكريم أعلى مرتبة من السنة النبوية من حيث الثبوت والتواتر. والنسخ عند الأصوليين له شروط، وأهمها أن يكون الناسخ أقوى أو مساويًا للمنسوخ من حيث الثبوت. والقرآن الكريم متواتر لفظًا ومعنى، بينما أكثر الأحاديث آحاد. ولذلك لا يمكن أن يرفع أو ينسخ نصًا قرآنيًا قطعيًا أبدًا.
جل الاحترام لعلماءنا الاجلاء ..
كل التقدير لمجهوداتهم ..
اثابهم الله بعملهم وعلمهم وعطائهم خير الجزاء .
وتحياتي ..