يُعد كيان الأسرة هو الأساس المتين لبناء المجتمع، فكل بيت هو نواة، وكل نواة إذا صلحت صلح المجتمع بأكمله. لقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بالحفاظ على هذا الكيان في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، وأوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: “كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته”، ليؤكد أن المسؤولية مشتركة بين الرجل والمرأة معًا.
في الماضي، كان الرجل يتحمل العبء الأكبر من المسؤولية، وكان يُنظر إلى الزواج باعتباره استقرارًا وأمانًا للفتيات، ووسيلة لبناء بيت عامر بالسكينة والمودة. كانت الزوجة تنظر إلى والدتها كيف صبرت وتكيّفت مع ظروف زوجها، فربّت الأبناء وحافظت على البيت في جو من الهدوء والرعاية.
أما اليوم، ومع تطورات العصر الحديث، تغيّرت كثير من المفاهيم. أصبح الحفاظ على الأسرة تحديًا صعبًا أمام المغريات والضغوط الاجتماعية والاقتصادية. ازدادت نسب الطلاق بشكل ملحوظ، وتحوّل الزواج في بعض الأحيان إلى تجربة سريعة لا تعكس المعنى الحقيقي للشراكة وبناء البيت. صارت الفتاة تبحث عن شريك يحقق لها ما رأته في بيت والدها وربما أكثر، لكن الظروف المعيشية القاسية تجعل الطموحات أحيانًا لا تكتمل.
لقد أصبح كيان الأسرة الآن بحاجة إلى وعي أكبر من كلا الطرفين، الرجل والمرأة، الأب والأم، ليقفا معًا في توازن وعدل. فالمجتمع لا يستقيم إلا إذا أدرك كل طرف دوره الحقيقي، بعيدًا عن الصراعات، وبالعودة إلى القيم الدينية والأخلاقية التي نشأنا عليها. عندها فقط يمكن أن ينشأ جيل واعٍ، متماسك، قادر على مواجهة التحديات دون أن يتهدّم البيت أو يضيع الكيان.