أخبار الأسبوعأدبالأسبوع العربي

الكاريزما و العهد المضئ 

الكاريزما و العهد المضئ

 

كتبت/هيام الرمالي

 

في إحدى المحاضرات سألني أحدهم كيف أكون كريزما وجذابا ؟

أعلم أن الكثيرون يسعون لذلك …..سأجيبك بصدق وشفافية

 

يقول علم النفس هناك سبعة أو تسعة أمورا تجعلك جذابا…..والحقيقة أنها أكذوبة فضع هذه التسعة في سلة مهملاتك ،وإسمح لي أن أخبرك بالحقيقة .

 

هناك عدة أمورا مكونة لشخصيتك وذاتك ،وهي فطرية ،وربما بها عاملا وراثيا ،وأخري مكتسبة ….فإن كنت أنت كاريزماتيك فيمكنك المحافظة عليها أو تنميتها ،بما سأشرحه لك .

وإن لم تكن فلا تتصنع ،،فهي غير مكتسبة ،وإحترم عقلك وقدراتك فليس كل ما يقال علي الميديا صحيحا .

 

اولا/إن كنت تمتلك العفوية وخفة الظل وطيبة القلب وجبر الخواطر والرحمة .

إن كنت مثقف ومتحدث جيد ،وينصت لك الآخرون حبا وإستفادة وليس خوفا أو مجاملة .

إن كنت محبا لعملك وهواياتك وشغوفا بها ،وصادقا ويراك الجميع نعم الصديق وليس العكس .

إن كنت متصالحا مع ذاتك ومتقبلا لنفسك بعيوبك ولا يغرنك مدح الآخرين أو ذمهم.

إن كنت منفتحا علي الثقافات المختلفة وغير مقلد ،ومعتزا بذاتك وهويتك ،ومتحاورا جيدا.

إن كان لديك نظرة مختلفة للمشكلات ودائما تمتلك آليات حل المشكلات ومواجهة التحديات والأزمات.

إن كان المعيار الأساسي لحياتك إن الله يراني ،يغضب،ويغار .

 

إن كنت كذلك فأنت كاريزماتيك …..فالكاريزما من وجهة نظري هي قوله تعالي …وألقيت عليك محبة مني…..أي بهاءا وإشراقا غير عاديا ،دون جهد أو عناء من صاحبها ،فتجدك تنجذب لشخص بشدة ولو ركزت في ملامحه تجدها عادية ولكنها مريحه ،ووجهه جذاب وكأنه مغناطيسا يجذبك للنظر إليه أو الحديث معه،ينشر طاقة إيجابية بالمكان ،ويمتص ألمك وهمك ،ويلملم شتات روحك وعقلك إن حدثك.

 

فهل أنت كاريزما ؟ فإبتسم

فسألته ،هل تراني كاريزما؟

فأجاب ،نعم وجميع من بالقاعه بصوت مرتفع …نعم وجدا

الحمد لله أنكم تروني هكذا ،إذن سأقصص عليكم نقطة التحول الفاصلة في حياتي

عندما تتعامل مع الله بصدق ،وتتعرف عليه حقا،ستسلم أمورك كلها له بيقين ،وستتوكل عليه حق التوكل ،ولن تهتم بردود فعل البشر ،ستجعل بينك وبين الله علاقة من نوع آخر .

تخشي أن يراك الله علي معصية ،تسعي للطاعات بكل حب وراحه،وستري قلوب الآخرين من أعينهم ،يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور وسيظهر لك ذلك.

عندما تتجاهل العامه ولا تسعي لإرضائهم ،سيطوعهم لك الله ،ربما ليس جميعهم.

أنا أتقبل السيئ من الأشياء والأشخاص،وأري أن الجميع مزيجا من الأبيض والأسود ،وهذا هو التوازن ،حتي يطغي أحد اللونين علي الآخر وتتشكل شخصيتك .

لايوجد ملائكة علي الأرض ولكن يوجد شياطينا من الإنس .

 

أري البشر كالكتب ..منهم المفيد والتافه والصعب ومنهم من لا تفهمه أبدا.

أو كالفاكهة ….لكلٍ منها لونا ومذاقا ،وجميعها جيدا ومفيدا،وإن لم تكن تحبها.

ولابد أن تلقي بجزءا منها في القمامة ….ربما البذرة أو القشرة ،فخذ الناس علي هذا المحمل ،لابد أن تتقبل عيوب الآخرين وزلاتهم ،كي تستقيم العلاقات،إلا لو كان جميعه سيئا، كالفاكهة الفاسدة ،فلابد أن تبتعد كي لا تصاب بالعدوي.

 

أنا لم أدرس علم النفس ولكني أدمنته بعدما أصبت بالعدوي،وكانت شديدة جدا ،لك أن تعتبرها السقطة الأولي ،أو عثرة التحول في حياتي …..

 

جميعنا يحتاج لرفع مستوي وعيه أو ما يسمونه بتنمية الذات ،وفي مرحلة ما نصاب بالـ Blokeg أو هكذا كنت أنا …انسداد الوعي ،أقصد القلب والعقل والبصيرة ،وهنا أتتني صفعة الخذلان الكبري ……وكادت تهلكني،

ولكني نجوت وعلمت أنها الإبتلاء الذي يحمل في طياته الخير الكثير …..والنضج والتغيير .

 

 

 

ففي إحدى ليالي الخريف كنت مهموما ،بل مقهورا،إن كنت تعلم قهر الرجال ،ونمت وأنا بحالة نفسية يرثي لها حرفيا ،فرأيت أني معصوب العينين،ومكبل المعصمين ،في مكان معتم تماما ،ولا أستطيع أن أتحسس حتي جسدي،ولا أعلم إن كنت فوق الأرض أم تحتها،فناديت بصوت مرتفع يشبه الصراخ ممزوجا بالخوف ،هل من أحد معي ؟

وإذا بصوت جهور ،وشعاع نور ضعيف بالمكان أو هكذا أستشعرته من خلف عصبة عيني .

أنت فوق الأرض ،مازلت حيا ترزق .

فقلت له …أين أنا ،ولماذا أنا معصوب العينين ؟

قال أنت بالدنيا …ولست معصوب العينين!

ماذا؟ هل أصابني العمي؟ ولكني أري شعاع نورا ضعيفا!

 

قال …لست معصوب العينين،ولم تصاب بالعمي الذي تعنيه،ولكنك غير متصلا به.

غير متصلا بمن ! وهل العمي أنواعا؟

نعم أنواعا،وأنت مصاب بأشدهم وهم عتمة البصيرة ،

أما عن فقدك الإتصال به ،فلأنك هجرته.

من هو وكيف فقدت الإتصال؟ أنا لا أفهمك.

قال ،أنت غير متصلا بالله ،لأنك هجرت الصلاة والقرآن .

فقلت له ولكن الله لا يتركنا حتي وإن إبتعدنا وعصينا !

نعم …صدقت ،ولكننا نصاب بالعمي ونتخبط ونتوه في ممراتها.

ألا تعلم أن الصلاة هي الوصلة الروحانية الوحيدة بين العبد وربه،يناجيه والله يسمعه.

أنا …صدقت …أنا حقا فعلت، ولكن دون عمد أو قصد مني بل أثقلتني الدنيا،وأرهقتني همومها ومشكلاتها.

قال …بل غرتك بزخرفها ،وفُتنت مع من فتن،ألم تسمع بقوله تعالي …فخلف من بعدهم خلفا أضاعوا الصلاة وإتبعوا الشهوات.

صدقت ،أنا تائه حقا ،بعد فقد أبي ..

فقال لي …ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق……

فقلت له بل آن….ساعدني ولن أضيعها أبدا،أنا لا أقوي علي مشكلاتي وهمومي ،وفـُتنت حقا،ولست راضٍ عما أنا فيه.

خذ بيدي وساعدني،وقصصت له ما فعلت وأنني حاولت الإنتحار

فقال لي …يا أيها الذين آمنوا إصبروا وصابروا ورابطوا………..تخيل أنك في جهاد .أنت حقا في جهاد مع نفسك وهواك والدنيا وفتنتها.

فقلت له نعم نحن في جهاد ،أنت تتحدث مثل أبي

أريد أن أراك ،ساعدني للطريق الصحيح،خذ بيدي

 

فإذا بشاع نور قوي يملأ الحجرة ،فرأيت جسدي،وتأكدت أنني لم أصاب بالعمي ومازلت أبصر ،ورأيت من يحدثني يمد يده ليّ وبيده مشعلا مضاءا ،وقال خذ هذا سيضيئ عتمتك،وستبصر بل ستضيئ،فمددت يدي،ففك وثاقي وأخذته منه فإذا به كتاباً،أمسكته جيدا ونظرت فيه، فأضاءت يداي ومن ثم جسدي كله أضاء ،فإبتسمت وشعرت بجسدي خفيف وكأن روحي تطير ،ربما من السعاده،فرفعت برأسي لأشكره فلم أجده ،فناديته بصوت مرتفع ،أين ذهبت لماذا تركتني وحدي؟ ونظرت للكتاب بيدي فوجدته خير كتاب …القرآن الكريم …

وإستيقظت في تلك اللحظة ،وإذا بنداء الصلاة لصلاة الفجر،وتذكرت أبي ووضوء المكاره،فأسرعت من سريري وتوضأت وهرولت للمسجد،وأنا أعد الخطى ،يا الله منذ متي وأنا لم أذهب للمسجد ،وعندما أعود له أعود بصلاة الفجر،والله إني خجلا جدا من ربي،ولكني سعيد بعودتي للمسجد ،دخلت المسجد وإذا بالمصلين قد إصطفوا للصلاة فلخقت بهم ،وبدأ الإمام بالركعة الأولي وفرغ من قراءة الفاتحة ،وبدأ يقرأ آيات من سورة الحديد وكأنه يقرأها لي،و عندما وصل لقوله تعالي …ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين من قبلهم كفروا فطال عليهم الأمد ……وإذا بصوت نحيبي يرتفع بين المصلين ولم أتمالك نفسي ،وبعدما فرغنا من الركعة الثانية وبدأ المصليين بالخروج المسجد ،وجدت الإمام جاءني وجلس بجواري ،ورتب علي كتفي وقال ،هون علي نفسك ،كلنا ذوو خطأ،وخير الخطائين التوابون،فبكيت رغما عني ،لم أرد أن أظهر ضعيفا ،ولكنها غلبتني.

 

فقال الإمام قلبك نظيف ووجهك مضيئ،هون علي نفسك،من إستقامت صلاته إستقامت حياته ومن إعوجت صلاته إعوجت حياته ،لا تبكي .

فقلت ولكني لم أحفظها بل تهاونت وأخطأت وأذنبت حتي تهت بل ضعت يا شيخي.

فقال مبتسما ،لا يا بني أنت بخير لأنك عدت ،إن أردت فضفض،فقصصت له مشكلتي ،والرؤية التي رأيتها تلك الليلة ،فإحتضنني بقوة وقال لي ….قال سيد الكونين والثقلين لصحابته الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم ….أرأيتم إن كان بباب أحدكم نهرا يغتسل منه خمس مرات باليوم ،هل يبقي من درنه شئ يقصد دنسه،قالوا لا يا رسول الله،

قال هكذا الصلاة .

 

لا تقلق هي ستطهرك يا بني ،وإعلم أنك ستضئ يوما من الأيام وسيكون لك شئنا عظيما .

ولا تنسي …العهد المضئ، فقد قال تعالي في حديث قدسي …العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فإن تركوها فلا عهد لهم. وها أنا اليوم بينكم ألقي عليكم تلك المحاضرة،أمازلت تهتم بالكاريزما ؟

فقال …بل بالعهد المضئ أستاذي.

 

تمت ….العهد المضئ

بقلمي هيام الرمالي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى