الخارقون الأموات الأحياء.. من خيال السينما إلى واقع السياسة
بقلم: حسام النوام
في زمن تتداخل فيه السياسة بالعلم، والمصالح بالخيال، أصبح من الصعب الفصل بين ما يُعرض على شاشات السينما كأفلام خيال علمي وما يتم الإعلان عنه في المؤتمرات الدولية من مشروعات بحثية. فما بين اللاجئين الذين فُتحت لهم أبواب أوروبا، واختفاء عشرات الآلاف منهم في ظروف غامضة، وتحذيرات قادة العالم من «الجنود الخارقين» و«البشر المعدلين جينيًا»، تتشكل ملامح مشهد لا يقل غرابة عن أساطير الزومبي وأبطال الكوميكس.
ألمانيا واللاجئون.. البداية المربكة
حين فتحت ألمانيا ذراعيها لاستقبال اللاجئين السوريين والعراقيين الهاربين من نيران الحرب والإرهاب، بدا المشهد إنسانيًا بامتياز. آلاف البشر وجدوا طريقهم إلى برلين عبر البحر، رغم أن سؤالًا منطقيًا ظل عالقًا: من وفر لهم السفن؟ من موّل عمليات الانتقال المنظمة؟ وكيف فُتح البحر للنجاة بينما كان تنظيم داعش يحاصرهم من كل اتجاه؟
الغرابة لم تتوقف هنا، فبعد سنوات قليلة فجّرت المفوضية الأوروبية مفاجأة صادمة بإعلانها عن اختفاء نحو 30 ألف لاجئ من الأراضي الألمانية. رقم ضخم لا يمكن التغاضي عنه، خاصة في بلد يُعرف بتقدمه الأمني والتكنولوجي، وبشبكة مراقبة بالكاميرات والأقمار الصناعية لا تترك فرصة لمرور أحد دون تتبع. فإلى أين ذهب هؤلاء؟ وكيف اختفوا في قلب أوروبا بلا أثر؟
بوتين يحذّر.. والغرب يخطط
في عام 2017، أطلقت الولايات المتحدة رسميًا مشروعًا لإنتاج أشخاص «معدلين وراثيًا»، مستخدمة وصفًا أقرب لخطوط الإنتاج الصناعي. الصين بدورها لم تُخفِ طموحها، إذ أعلنت بوضوح نيتها تطوير «سوبر مان» جيني، قادر على أداء ما يفوق طاقة البشر.
أما روسيا، فاختارت أن تكشف أوراقها على العلن. ففي مؤتمر الشباب الروسي، صرّح الرئيس فلاديمير بوتين أن العالم مقبل على جيل جديد من الجنود الخارقين، الذين لا تؤثر فيهم الرصاصات، ولا تحركهم مشاعر الرحمة أو الخوف. تحذير بوتين كان بمثابة رسالة مباشرة: اللعبة خرجت من المختبرات، والسباق على «إنتاج البشر» أصبح واقعًا.
لغز الاختفاء.. بين العلم والسياسة
ربط مراقبون بين اختفاء عشرات الآلاف من اللاجئين في أوروبا، وبين التجارب الجينية والاستنساخ البشري. السيناريو الأكثر رواجًا يذهب إلى أن هؤلاء استُخدموا كمصدر للشفرات الوراثية والأعضاء البشرية، التي خضعت لتعديلات دقيقة، ثم أعيد زرعها في أجساد مستنسخة يتم التحكم فيها عبر شرائح إلكترونية مزروعة في الدماغ.
وبحسب هذه الفرضية، يتحول الجسد بعد موت الروح إلى «جسم عامل» يُدار بواسطة كمبيوتر دقيق، يتلقى التعليمات عبر شبكة الإنترنت الفضائي التي يطورها إيلون ماسك لتغطية العالم. ما يعني أن «الزومبي» الذين ألفناهم في السينما قد يصبحون واقعًا، لكنهم ليسوا نتاج فيروس خيالي، بل ثمرة لتقنيات علمية تستغل الجسد البشري كمنصة تشغيل.
—
الشرق الأوسط.. الأرض المحروقة
إذا كان اللاجئون هم المدخل، فإن ميادين الحرب في سوريا والعراق وليبيا كانت المختبر المثالي. سياسة الأرض المحروقة لم تترك أمام المدنيين سوى خيار واحد: الفرار. المنافذ فُتحت عمدًا، والسفن انتظرت، ليتم نقل من يُراد نقلهم إلى حيث يُعاد تشكيلهم.
أما من تبقى في المدن المدمرة، فعادوا ليعيشوا على الأطلال، ضحايا لحرب لم يختاروها، ومشاهدين لتجربة أكبر منهم بكثير. وهكذا تحوّل الشرق الأوسط إلى مسرح تجارب بشري، في صراع عالمي على المستقبل.
الحقيقة والخيال.. الفاصل يتلاشى
قد يعتبر البعض هذه الروايات مجرد أوهام أو نظريات مؤامرة، لكن المؤشرات المعلنة من كبرى الدول تؤكد أن الأبحاث في مجال التعديل الجيني والاستنساخ تُمول بمليارات الدولارات. وفي المقابل، هناك أبحاث مضادة لتطوير آليات مواجهة هذا الخطر المحتمل.
وبينما يتجادل الناس حول ما إذا كان ذلك خيالًا أم حقيقة، يمضي العالم بخطوات واثقة نحو مرحلة يصبح فيها «الإنسان» منتجًا صناعيًا، وجنديًا بلا روح، وأداة حرب لا تعرف الرحمة.
اليوم، لم يعد السؤال: هل سيأتي يوم نرى فيه البشر المعدلين وراثيًا؟ بل: متى سيخرجون إلى العلن؟
تصريحات بوتين وشي جين بينج لم تكن مجرد تحذيرات عابرة، بل رسائل مشفرة إلى الغرب بأن ما يحدث لم يعد سرًا. وما كان يومًا فيلمًا سينمائيًا، قد يصبح غدًا واقعًا نعيشه بأنفسنا، حين ندرك أننا لسنا مجرد مشاهدين، بل أبطال داخل هذا الفيلم الكبير.